منصور و سعيد طفلان شقيقان …. بالأمس كانا يلعبان و يمرحان في أزقة قريتنا ، و اليوم هُما تحت الثرى ، و لم يرد بخُلّدنا أو خُلدهما أنهما سيُغادران هذه الدنيا بهذه العُجالة ، و لكن الآجال و الأعمار مكتوبةٍ عند الله لكل صغيرٍ و كبير .
منصور و سعيد ، كانا لا يفترقان و لا يُفارقان أروقة مسجد القرية ، نغيب عن المسجد و لكنهما لا يغيبان ؛
محبوبان لدى الكبير و الصغير ؛ و خدومان ، يخدمان المصلين في كل الأوقات و خاصةً في رمضان ، يقومان بالمساعدة في تحضير الإفطار الجماعي للصائمين ، و في توزيع عُلب الماء على المصلين ؛ يقومان بكل هذا من خلال إبتسامةٍ صامتة ، إبتسامةٍ تعكس رضاهم و قناعتهم و سعادتهم ، لا يُرِيدان جزاءً و لا شُكُوراً.
منصور و سعيد ، كانا سعيدان في حياتهما و مع ذويهما ، و لكنهما كانا يحلمان كما يحلم أقرانهما ، و يحدوهما الأمل إلى مُستقبلٍ زاهر و حياةٍ أفضل ، غيرَ أن الله قد أرادَ لهما غير ذلك ، فلعله قد أراد أن يُحقق لهما آمالهما و أُمنياتهما مبكراً ، و ذلك بأن عجّلَ لهم بالنعيم المقيم في جنات النعيم ، فهي أجَلَّ و أسمى من نعيم هذه الدنيا و آمالها ، التي لا تخلو من المنغصات و الكدر و النصب ؛
لعل الله قد أراد أن يُبدلهما بقريةٍ في الجنة خيرٍ من قريتهما الفانية ، فيسرحان و يمرحان فيها و يسعدان بنعيمها دون كللٍ أو مللٍ أو نصب ؛
منصور و سعيد إلى رحمة الله ، ذهبا إلى ربٍ كريم ، أسأل الله العلي العظيم رب العرش العظيم أن يتقبلهما و يجعلهما في منزلة الشهداء و أن يجعلهما شفيعانٍ لوالديهما ، و أن يُلهم ذويهما الصبر و السلوان ، و أن يربط على قلوبهم إنه على كُلِّ شَيْءٍ قدير .
إنا لله و إنا إليه راجعون
د مبروك المسفر